لم يعد مستغربا أن نتابع تألق أحد اللاعبين من ذوي الأصول العربية
على ملاعب القارة العجوز، لكن المدهش ألا يكون هذا التألق على مستوى إحراز
الأهداف أو الصلابة الدفاعية، بل على مستوى المهارات الفردية العالية،
الجزئية التي تهم من يدعون أنهم يفهمون في فنون الساحرة المستديرة،
ويتعاملون معها على أنها تحفة فنية وليست مجرد نتائج تتحقق بأي سبيل.
ومن النجوم ذوي الأصول العربية القلائل الذين تنطبق عليهم هذه
القاعدة، النجم الهولندي مغربي الأصل إبراهيم أفيلاي، لاعب النادي الأمتع
في العالم حاليا وربما الأكثر جماهيرية: البارسا.
ولد إبراهيم أفيلاي بمدينة أوتريخت الهولندية في الثاني من
نيسان/أبريل عام 1986، أي أنه أتم مطلع الشهر الجاري عامه الخامس والعشرين،
وبدأ التألق مع الكرة مبكرا، بعد أن شارك مع العملاق "بي إس في آيندهوفن"
قبل أن يتم عامه الثامن عشر بشهرين في إحدى مباريات كأس هولندا، قبل أن
يشارك معه للمرة الأولى في الدوري بعدها بعشرة أيام فحسب.
وظل لأكثر من عام يعاني من قلة المشاركات مع آيندهوفن حتى تألق في
مباراة أمام فينورد نهاية موسم 2004/2005، أحرز خلالها هدفين ليحتل موقعا
في التشكيلة الرئيسية للفريق مطلع الموسم التالي، خاصة مع رحيل المخضرم
مارك فان بوميل إلى برشلونة.
قاد أفيلاي "بي إس في" نحو إحراز لقب الدوري الهولندي لثلاثة مواسم
متتالية، 2006 و2007 و2008 بعد أن برز كواحد من أفضل لاعبي الفريق على
مستوى المهارة الفنية، التي ساعدته في أسر قلوب جماهيره بتمريراته الحاسمة
التي صنع بها الكثير من الأهداف.
برشلونة يفكر باللاعب وفي عام 2010 ، ظل على تألقه ليدفع برشلونة إلى التفكير بضمه صيف
ذلك العام وهو ما لم يحدث، لكن النادي الكتالوني اضطر لإتمام الصفقة نهاية
العام مع حلول فترة الانتقالات الشتوية، بعد الزلزال الذي هز العالم وقتها
عندما قاد آيندهوفن إلى فوز كاسح على فينورد بعشرة أهداف نظيفة، أحرز
ثانيها.
في برشلونة، الذي يملك أقوى خط وسط في العالم في وجود الواعد
سيرجيو بوسكيتس كارتكاز وأمامه المتألقين دوما تشافي هيرنانديز وأندريس
إنييستا، كان من الصعب على أفيلاي أن يلعب أساسيا لكنه أثبت في المرات
القليلة التي أتيحت له فيها الفرصة أن مهاراته ليست أقل من مستوى فريق يلعب
فيه ليونيل ميسي.
وكان أول تعارف حقيقي بينه وبين جماهير "كامب نو" في شباط/فبراير
عندما سجل أول أهدافه مع الفريق في المباراة التي قاده فيها نحو الفوز على
ألميريا بثلاثية بيضاء في إياب نصف نهائي كأس ملك إسبانيا.
لكن الإعلام الذي لا يترك أحدا على حاله، بات بعد شهور قليلة يتحدث
عن إمكانية رحيل اللاعب الصيف المقبل مع عدم تمتعه بالفرصة الكافية مع
البارسا، وهو ما يعد غير منطقي بالنظر إلى صغر سنه، وكون مستوى تأقلمه في
الموسم الأول مع ناد بقامة البارسا معقول تماما.
تألق منتظر وقد يكون أول فصول التألق الكبير لقاء إياب نصف نهائي دوري الأبطال
الثلاثاء أمام ريال مدريد خاصة إذا ما انتهى الشوط الأول لمصلحة البارسا
الفائز خارج أرضه ذهابا بهدفين نظيفين، وقتها قد يفكر بيب غوارديولا في
منحه فرصة لإظهار مهاراته دفاع ريال مدريد.
ومهما قارن البعض بينه وبين أسماء مثل الفرنسي لودفيك جولي أو
الأيسلندي إيدور غوديونسون أو البيلاروسي ألكسندر هليب، يبقى أفيلاي صاروخا
عربياً التصنيع معد للإطلاق في سماء كتالونيا، ومنها إلى إسبانيا وأوروبا.
من مراسلنا هشام قاسيمي الحسني